- 2020-02-01 13:21:31
- 1396
300 مليون إنسان يتعلمون لغة جديدة مجاناً على تطبيق Duolingo.. لكن ما هي قصة مؤسسه المُلهمة؟
الصَّحفي الصَّغير- عربي بوست- إذا رأيت من يشك في التأثير الإيجابي للهجرة، فأخبره عن لويس فون آن.
سافر الرجل الذي يبلغ من العمر 41 عاماً من دولة غواتيمالا في أمريكا الوسطى، إلى الولايات المتحدة عام 1996، وعمره 18 عاماً، للحصول على شهادة في الرياضيات من جامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية.
وبعد ذلك درس علوم الكمبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون في بيتسبرغ.
واصل لويس دراسته ليصبح أستاذاً في علوم الكمبيوتر، وتخصص في «الحوسبة المعتمدة على الإنسان»، التي هي ببساطة شديدة تعاون البشر وأجهزة الكمبيوتر بشكل أفضل لحل المهام المعقدة.
يقول موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: بفضل عمل لويس الرائد في هذا المجال، حصل على جائزة برنامج MacArthur Fellows المرموقة في الولايات المتحدة.
وتُعرف هذه الجائزة في اللغة الدارجة بـ «منحة العبقرية»، لأنه يُقال إنه من الضروري أن تكون عبقرياً لتحصل عليها.
أصبح لويس بعد ذلك مليونيراً وهو في أوائل الثلاثينيات من عمره، بعد أن باع مشروعين لشركة جوجل. ولا يزال جميعنا يستخدم هذه التكنولوجيا التي باعها لمحرك البحث العملاق، وسنأتي على ذكرها لاحقاً.
ولكن الآن في وقتنا الحالي، ولويس هو المؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة شركة Duolingo في بيتسبرغ، وهو التطبيق الأكثر شعبية لتعلم اللغات في العالم، ويضم أكثر من 300 مليون مستخدم حول العالم.
يقول لويس، وهو شخص هادئ يرتدي نظارات، بلهجة متواضعة، إن معظم نجاحه يرجع إلى حقيقة أنه كان محظوظاً كفاية ليتعلم اللغة الإنجليزية وهو طفل.
إذ أصرت والدته الطبيبة على تعليمه اللغة الإنجليزية في سن مبكرة للغاية، ولغته الأم هي الإسبانية.
وكان لدى أسرته التي تنتمي للطبقة المتوسطة ما يكفي من المال لإرساله إلى مدرسة خاصة لتعلم اللغة الإنجليزية في العاصمة غواتيمالا سيتي. تعليم اللغة مجاناً يقول لويس إن هذا بالتأكيد جعله مميزاً عن معظم الغواتيماليين، إذ إن ما يقرب من نصف سكان البلاد يعيشون في فقر، وفقاً للبنك الدولي، ويعيش 9% منهم في فقر مدقع، وفرص الكثير منهم للحصول على التعليم محدودة.
كان مصدر إلهامه لتطبيق Duolingo هو رغبته في إنشاء تطبيق يتعلم الناس من خلاله اللغات مجاناً- سواء كان في غواتيمالا أو في أي مكان في العالم- حتى يتمكنوا من الاستفادة من المزايا الاقتصادية التي غالباً ما تصحب تعلم لغتين جزئياً على الأقل.
يقول لويس: «أردت أن أفعل شيئاً يمنح الجميع فرصاً متساوية للوصول إلى التعليم، ثم ركزت على اللغات لأنني نشأت في غواتيمالا ورأيت أن الجميع يريد تعلم اللغة الإنجليزية».
وقال: «معرفة اللغة الإنجليزية في دولة غير ناطقة بها تعني عادةً الحصول على دخل مضاعف. أعني أنك تجني حرفياً ضعف ما تحصل عليه إذا كنت تعرف اللغة الإنجليزية. لذلك هذا هو تقريباً ما ألهمني فكرة توفير طريقة مجانية لتعلم اللغات، ومن هنا نشأ تطبيق Duolingo».
بدأ لويس وشريكه سيفيرين هاكر العمل على التطبيق عام 2009، وفي ذلك الوقت، كان لويس أستاذاً في جامعة كارنيغي ميلون، وكان سيفرين أحد طلابه.
وبمساعدة خبراء اللغويات والعناية باللغة وتطويرها، أُطلق تطبيق Duolingo عام 2012، حيث قدم في البداية مجموعة صغيرة من اللغات، هي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.
يقول لويس: «عندما أطلقنا التطبيق كنت محظوظاً كفاية لأتمكن من الحديث على منصة TED وشاهد حديثي مليونا شخص، مما أعطى Duolingo قاعدة مبدئية جيدة من المستخدمين.
لكن منذ ذلك الحين وحتى عام 2019 كان نمونا فقط بفضل الحديث الإيجابي عن التطبيق، إذ لم نعلن عن التطبيق أو نسوق له على الإطلاق».
ما هو تطبيق دولينغو؟ يقدم تطبيق Duolingo اليوم أكثر من 100 دورة في 28 لغة مختلفة.
وفي حين أن أكثر اللغات شعبية هي الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، يمكنك دراسة كل اللغات من العربية إلى الأوكرانية. ويركز Duolingo أيضاً بشكل خاص على الترويج للغات الأقليات، إذ يقدم دورات في اللغات الويلزية والنافاجو والغيلية والهاواي.
تقول الدكتورة سيلفيا وارنيك، المحاضرة الخبيرة في اللغات في الجامعة المفتوحة في اسكتلندا، إنها مسرورة للغاية بتعاون Duolingo مع كبار المتحدثين باللغة الغيلية لإطلاق دورة تعلمها العام الماضي.
وتقول: «ينتقد البعض تطبيق Duolingo بقولهم إنه لا يمكّنك من تعلم ما يكفي لتصبح متقناً للغة التي تتعلمها… لكنها وسيلة رائعة لمساعدة الناس في البدء بتعلمها».
وأضافت: «يعد تعلم اللغة أمراً شاقاً للعديد من الأشخاص، ولا يكون لديهم وقت للتسجيل في الدورات الرسمية أسبوعياً.
وتعتبر تطبيقات مثل Duolingo بديلاً قيماً». تبلغ عائدات Duolingo السنوية الآن 90 مليون دولار. يأتي حوالي 15 مليون دولار من هذا المبلغ من الإعلانات في التطبيق العادي المجاني، بينما يأتي 75 مليون دولار من 2% من المستخدمين الذين يدفعون مقابل الإصدار المميز بدون إعلانات.
يقول لويس: «إذا كنت تكثر من استخدام Duolingo وكنت غنياً نسبياً، فعليك أن تدفع لنا، هذا ما أعتقده.
أما إذا كنت في دولة نامية ولا تملك الكثير من المال، فالنسخة المجانية لك. هذا ما أعتقده حيال ذلك».
والآن والشركة تضم 200 موظف، يأمل لويس أن تتصدر Duolingo سوق الأوراق المالية عام 2021.
ويقال إن لديه حصة كبيرة، ولكنها أقل من نصف حصص الشركة، التي يساهم فيها بالفعل بعض المستثمرين الخارجيين.
ما الذي باعه لويس لجوجل؟
وبالعودة إلى حديثنا السابق، كانت الشركتان اللتان باعهما لويس لشركة جوجل هما ESP Game وRecaptcha.
كانت ESP، وهي الحروف الأولى من «Extra Sensory Perception» أو «الإدراك الحسي الفائق»، عبارة عن لعبة على الإنترنت يحاول فيها شخصان لا يمكنهما التواصل ببعضهما اختيار كلمات لوصف إحدى الصور.
وحين يستخدمان الكلمة نفسها، يحصل كل منهما على نقطة، وتعرض لهما صورة أخرى لهما بعد ذلك.
ومنذ عام 2006، استخدمت جوجل هذه التقنية لتحسين برنامجها للبحث عن الصور. أما Recaptcha فهو النظام المستخدم الآن على نطاق واسع الذي تطلب من خلاله المواقع المرتبطة بجوجل كتابة الكلمات المكتوبة بخط اليد المتعرج باعتبارها وسيلة لإثبات أنك لست ما يسمى بـ «برامج الروبوت» أو البرامج الضارة.
ويتعين على ما يقدر بنحو 200 مليون شخص فعل ذلك يومياً، ولويس هو من اخترع هذا البرنامج. واشترت جوجل Recaptcha، التي كان لويس وحده هو من يملكها، عام 2009 مقابل مبلغ لم يُكشف عنه من ثمانية أرقام.
وما لا يعرفه الكثيرون أن الكلمات التي يتعين عليك كتابتها لا يقع الاختيار عليها عشوائياً.
وإنما هي كلمات من الكتب الورقية القديمة التي تعمل جوجل على ترقيمها، ويجد برنامجها صعوبة في فهمها. ولذا، في كل مرة تنفذ فيها أحد اختبارات الأمان هذه، فأنت تعمل لدى جوجل دون أجر.
على سبيل المثال، إذا اتفق 10 آلاف شخص على تهجئة معينة، تعتبرها جوجل صحيحة. بالعودة إلى تطبيق Duolingo، يقول لويس إنه فخور بمساعدة الكثير من الناس على تعلم لغة جديدة. وقال: «نحن نوفر تعليم اللغات مجاناً للجميع».